ما هي السعادة؟ وكيف الطريق إليها
[تاريخ النشر: 11 يناير، 2022] هل خطر ببالك يوماً أن تسأل نفسك ما هي السعادة؟ وما هي سبل تحقيقها في زمن تغرق فيه النفس البشرية، بإشباع رغبات آنية وغير متناهية، عبر الإستهلاك المادي، الذي بات يشكل متلازمة من الهروب والإنكار الدائم؟ من ناحية أخرى، لا تُعتبر السعادة شعوراً ثابتاً، بل إنه يتغير وينمو، مع نمو الفكر والوعي الإنساني. لذلك، خصصنا هذا المقال بهدف إطلاعك عزيزي القارئ، على بعض من خطوات تقودك إلى السعادة.
مقالات مرتبطة:
- كيف أعزز ثقتي بنفسي؟ ندى جوني
- خطوات لتنمية ذكاء طفلك. ندى جوني
ضمن السياق نفسه، بحثت مدارس الفلسفة وعلم النفس في ماهية السعادة. إذ يعتبر الفيلسوف الفرنسي آلان باديو أن ” السعادة “، كونيةٌ ومرتبطةٌ بالمفاهيم الجوهرية، في حين أن ” الإشباع “، مرتبطٌ بالمادة. كذلك، ربط الفلاسفة القدماء كأفلاطون (427 ق.م – 347 ق.م) مثلاً، السعادة بالقضايا الماورائية والمثالية الحياتية . أمّا الفلاسفة المتنورون مثل نيتشه (1844 – 1900) يقول بأن السعادة تنتج عن تصادم الرغبات وليس انسجامها. ولكن، ذهب بعض الفلاسفة إلى تعريف السعادة على أنها ذلك الشعور النسبي، الذي ينتج تبعاً للمكنونات النفسية، والروحانية، والإجتماعية، وكذلك المادية.
السعادة: أفيون السعي الدائم
تخيل نفسك وأنت تسير في شارع مليء بالناس الذين تتقاطع رغباتهم، ومبادئهم، وتطلعاتهم. وتخيل أنك تسألهم جميعاً، عن الجدوى الفعلية من الإستيقاظ كل يوم في نفس الوقت، والذهاب إلى العمل، أو رؤية بعض الأصدقاء، أو إقامة علاقات عاطفية! ربما سيجيبونك بأننا نبحث عن السعادة. من ناحية أخرى، قد نسأل أنفسنا، كيف لنا أن نحدد جوهر السعادة، حيث تختلط المفاهيم وتتعقد، في نظام حياتي إستهلاكي ممتلئ بالرفاهية، والماركات، والإعلانات…
لا أحب المحادثات السريعة القصيرة، بل أفضل أن أدير نقاشاً طويلاً عن معنى الحياة والموت، والسحر والذكاء العقلي، والذرات والمجرات والفضائيين، ومخاوف الطفولة وأكاذيبها. أريد أن أحادث شخصاً شغوفاً ذا عقل متقد، لا أن أتكلم مع من يريد أن يعرف فقط كيف حالك الآن
وودي آلن، مخرج سينمائي أميركي
بعبارة أخرى، عندما يتحدث الناس عن السعادة، فقد يتحدثون عن شعورهم في اللحظة الآنية، أو قد يشيرون ربما إلى شعور أكثر عمومية وعمقاً اتجاه الحياة بشكل عام. بالإضافة إلى ذلك قد تميل السعادة إلى أن تكون مصطلحاً فضفاضاً، ينحسر ضمن نطاقين مختلفين، هما: الذات، والعلاقة بالمحيط بكل ما يحمل من جوانب. لذلك، وببساطة وبعيداً عن النظريات الفلسفية التي تحتاج إلى شرح مستفيض، يمكن القول بأن السعادة هي مزيج من التوازن العاطفي المرتبط بزخم المشاعر والحالات المزاجية من جهة، والرضا عن الحياة المرتبط بالجوانب الاجتماعية والمهنية، من جهة أخرى.
ما هي أبرز خطوات تقودك إلى السعادة؟
كيف تعرف أنك سعيد؟ في حين تختلف السعادة من شخص لآخر! رغم ذلك، إلاّ أن هناك بعض العلامات الرئيسية والمنطقية التي يعتمدها المفكرون وعلماء النفس عند قياس السعادة وتقييمها. إذ، ببساطة تتضمن الشعور بالهدوء، والإستقرار، والإطمئنان، والرضا عن الحياة، والقدرة على الإستمتاع بها. لذلك، ما هي أبرز خطوات تقودك إلى السعادة.
1- القراءة والإطلاع:
قد تتفاجأ عزيزي القارئ بأن القراءة والإطلاع من أبرز خطوات تقودك إلى السعادة. ألاّ أن هذا الأمر صحيح. إذ تساعد القراءة على توسيع الآفاق الفكرية، وإدراك التفاصيل البسيطة، ومعرفة التعامل معها. بعبارة أخرى، وكما يقول المثل ” القراءة غذاء الروح “. كذلك، تساعدك القراءة على اختبار تجارب لم تعشها، والإطلاع على ثقافات وأفكار مختلفة، مما يتيح لك التحكم بجوانب حياتك. وأخيراً، يمكن للقراءة أن تعطيك شعوراً من الإسترخاء، والهدوء، والصفاء.
2- إتخاذ قرارات نابعة من الرغبات الذاتية:
من المعروف أن مجتمعاتنا تتخذ قرارات خاطئة ناتجة عن ترسبات إجتماعية تقليدية، تجعلنا أشبه بإطارات فارغة، غير قادرين على تفعيل الحس الإبداعي، وهذا ما قد يشكل ضغطاً كبيراً على أنفسنا. لذلك، إفعل ما شئت، شرط أن يكون ناتجاً عن وعي ورغبة جامحة، ويقين بأنك ستصبح مثقلاً بالفكر والإحساس. على سبيل المثال، مارس المهنة التي تحبها، مما سيجعلك متصالحاً مع نفسك داخلياً وخارجياً.
3- إستمتع باللحظة: من أبرز خطوات تقودك إلى السعادة
لقد وجدت بعض الدراسات بأن الناس الذين يميلون إلى التفكير والتخطيط للمستقبل، عبر الإستنزاف الآني، وتضييع لحظات العمر بالتفكير المفرط، هم الأكثر عرضة لفقدان حس الإستمتاع والإستشعار. لذلك، حذارِ الوقوع في فخ التراكم دون التفكير الفعلي بكل ما يجري معك، ويجعلك غير قادر على الشعور بالسعادة. بعبارة أخرى، إعتبر أن اللحظة الآنية التي تعيشها الآن هي لحظة خالدة، مع ضرورة الإمتنان والإكتفاء.
4- البحث عن التناغم الذاتي:
نقصد بالتناغم الذاتي، هو القدرة على الجلوس بمفردك وتحديد القيم الجوهرية التي تجعلك سعيداً. بالإضافة إلى ذلك، يجدر بك أن تحدد بعض الأهداف التي تحفزك من الداخل على متابعتها، والتي ترتبط بتنمية شخصيتك الداخلية والإجتماعية، والتي قد تساعد في تعزيز شعور السعادة لديك. ضمن السياق نفسه، تشير بعض الأبحاث بأن متابعة هذه الأنواع من الأهداف ذات الدوافع الذاتية، يمكن أن يزيد من السعادة أكثر من السعي وراء أهداف خارجية مثل كسب المال.
5- العلاقات الاجتماعية السليمة:
قد تكون واحدة من أبرز خطوات تقودك إلى السعادة، هي العلاقات الاجتماعية السليمة. ضمن السياق نفسه، يذكر المخرج السينمائي الأميركي وودي آلن: ” لا أحب المحادثات السريعة القصيرة، بل أفضل أن أدير نقاشاً طويلاً عن معنى الحياة والموت، والسحر والذكاء العقلي، والذرات والمجرات والفضائيين، ومخاوف الطفولة وأكاذيبها. أريد أن أحادث شخصاً شغوفاً ذا عقل متقد، لا أن أتكلم مع من يريد أن يعرف فقط كيف حالك الآن “. بعبارة أخرى، حاول أن تبحث عن أشخاص يستطيعون التناغم معك روحياً، ومساعدتك على ثقل نفسك، والإستمتاع بالتفاصيل البسيطة.
وأخيراً، أن تكون سعيداً يعني أن تكون راضياً عن نفسك، ومتصالحاً مع ذاتك. أن تكون سعيداً يعني أن تكون كالمركب الفارغ، حيث تخترقك الأحداث دون أن تترك خلفها ترسبات سلبية. أن تكون سعيداً يعني أن تتحد مع الطبيعة، وتحاول جاهداً فهم كينونتك ومعنى وجودك في هذا الكون المتناقض. لذلك، وعلى الرغم من التعقيدات التي تدخل في ماهية السعادة، إلاّ أن ما تم ذكره من خطوات تقودك إلى السعادة، قد تكون كفيلة بأن تساعدك على إكتشاف جوهرها.