فن الصبر: كيف أتعلمه وأتقنه؟
[تاريخ النشر: 17 فبراير، 2022] ” كلما قلت السرعة أصبح الزمن أسرع، وكلما ازدادت السرعة أصبح الزمن أبطئ “. إحدى مقولات الفيزيائي ألبرت أينشتاين التي قالها في معرض حديثه عن تعريف الزمن، الذي اعتبره وهماً للكائنات من أجل تنظيم أفكارها، ومشاعرها، وحياتها اليومية، وعلاقتها بالمجتمع. انطلاقاً من أينشتاين، قد يصبح الزمن مرتبطاً فقط باللحظة الحاضرة كـ ” وحدة إحساس “، ويصبح الماضي الذي هو ” تشكيل أساسي للحظة الحاضرة “، جامداً وراسخاً في الدماغ. وأخيراً، قد يكون الوعي، هو إدراك الماضي والمستقبل. عندها يصبح الزمن الحقيقي، جموداً.
مقالات مرتبطة:
بعيداً عن هذه النظريات المعقدة للزمن. ما يُراد قوله، إنه ومع اجتياح التكنولوجيا لتفاصيل حياتنا يومية، أصبحت ديناميكية الحياة أسرع بكثير عن السابق. كذلك، تغيرت خلفيات تحقيق الرغبات، وذلك بسبب اختلاف مفهوم ثقافة السرعة لدى الكثيرين منَّا. بعبارة أخرى، بدأ الأشخاص يفقدون متعة ممارسة فن الصبر، مما أدى إلى ازدياد التخبطات النفسية والذاتية، وانعدام الثقة بالنفس إلى حدّ كبير. وذلك، لأن الصبر يمكنه أن يحقق شخصية متوازنة ومدركة لمشاكلها الصغيرة والكبيرة. لذلك، سنتناول في هذا المقال خطوات تعلم فن الصبر، بكل سهولة ودون تعقيدات.
الصبر: فن التحليق في المجرد
لطالما تناولت الأديان السماوية، والمذاهب الفلسفية والفكرية، أهمية الصبر باعتباره أشبه بالفضيلة. ببساطة، وبعيداً عن المفاهيم المعقدة، إذا نظرت/ي جيداً إلى نفسك، وإلى الأشخاص المحيطين بك، ستجد/ين أن العجلة تسوقك إلى اتخاذ قرارات تعسفية، يمكن أن تؤثر بدورها على مسار حياته. لذلك، وبعيداً عن الصخب اليومي الذي نعيشه، والتهافت السريع على تحقيق الرغبات بطرق عشوائية، تقود الإنسان إلى حالة من التشتت الذهني، والتخبط النفسي. يعتبر الصبر القدرة على مواجهة الإحباط الشديد والشدائد بحكمة.
1- إعادة صياغة المواقف
إذا تعرضت/ي لأي موقف تأخير من قبل الأصدقاء، أو العائلة، أو زملائك في العمل. حاول/ي أن تعيد/ي صياغة موقف الإنتظار. على سبيل المثال، عوضاً عن شعور الغضب والقلق الذي سيتحكم بك، قم بقراءة بعض الصفحات من كتابك المفضل، أو المشي لبضع خطوات. لذلك، سيكون الصبر في هذه الحالة، ممارسة لضبط النفس وبالتالي اعتيادها على أمور جديدة، تؤدي إلى تطوير المهارات الذاتية.
2- ممارسة التأمل
بالطبع لن تتمكن من التأمل في وقت عصيب من نهارك. ولكن عليك معرفة أنَّ التأمل هو تدريب عقلك على التركيز، وإعادة توجيه أفكارك بعيداً عن الضغوطات اليومية التي تتعرض لها مهنياً، وعاطفياً، واجتماعياً. من ناحية أخرى، يساعد التأمل على التقليل من حدة التوتر والقلق، وتعزيز القدرة على الإحساس بالمشاعر الآنية. وهذا ما قد يؤدي إلى تحفيز الصبر.
يمكنك ممارسة تقنية التأمل لبضع دقائق في أي مكان. على سبيل المثال:
- قم بإغماض عينيك، واسمح/ي لنفسك بالتنفس بشكل طبيعي مع الإنتباه إلى كل من الشهيق والزفير.
- بالإضافة إلى ذلك، حاول/ي تركيز إنتباهك على أنفاسك لمدة دقيقتين إلى ثلاث دقائق على الأقل.
- لا تشعرمي أن الأمر محرج فعله أمام الناس، بل قم بتطبيق هذه التقنية وستشعر/ين بالفرق.
3- ابتعد/ي عن الكافيين واللإلكترونيات، لتنم جيداً
يعتبر الحصول على قسط كاف من النوم من أبرز خطوات تعلم فن الصبر. بعبارة أخرى، قد يؤدي الحرمان من النوم إلى زيادة حدة مشاعر الغضب والإرهاق. إذا كنت لا تحصل/ي على قسط كاف من النوم، فقد تكون أكثر عرضة لفقدان القدرة على ضبط النفس. لذلك، هناك خطوات عديدة تساعد على تحسين جودة النوم. على سبيل المثال، الحدّ من تناول الكافيين في فترة ما بعد الظهر والمساء. كذلك، تجنب/ي الأجهزة الإلكترونية قبل النوم. بالإضافة إلى الإبتعاد عن تناول الوجبات الثقيلة قبل النوم مباشرة.
4- قدّر/ي الأشياء الجوهرية، واشعر/ي بالإمتنان
نقصد بهذه النقطة، القدرة على التأقلم مع ظروفك الحالية مهما كانت بسيطة أو معقدة. إذ سيساعدك هذا التأقلم على تحفيز شعور الإمتنان على المدى الطويل. عند وضعك في موقع قلق، عوضاً عن التسليم لهذا الشعور، يجدر بك التركيز على الأشياء الجوهرية في حياتك والقادرة بدورها على إعطائك الشعور بالرضا.
من المؤكد أن الإمتنان لن يغير حالتك، وإنما سيساعدك على التفكير بشكل أوسع وأشمل، وبالتالي يحفزك على الهدوء والإسترخاء. وهذا كله يؤدي إلى اكتساب القدرة على الصبر.
5- إكتسب/ي مهارات جديدة
إن اكتساب مهارات جديدة يساعدك على استيعاب ماهية الوقت، وكيفية التعامل معه. حاول/ي أن تتعلم/ي مهارات غير مألوفة بالنسبة لك، كتسلق الجبال، أو المشي في الطبيعة والأحراج، أو اليوغا، مما يجعلك قادراً/ة على التعامل مع ذاتك بشكل أفضل. وهذا ما قد يؤدي إلى تحقيق نوعٍ من التوازن النفسي والذاتي، الذي يسوق الفرد إلى القدرة على التحكم بانفعالاته المتنوعة. وأخيراً، يمكن أن يحفز القدرة على الصبر.
6- إلعب/ي من نفسك
لماذا نقضّي أيامنا بكثير من الجدية، التي قد تكون مهمة وأساسية في كثير من الأحيان؟ لكن خذ الحياة وبعض اللحظات فيها، وكأنها لعبة. قضي وقت فراغ مع نفسك، أو أطفالك. مثلاً قم بالغناء وأنت في البيت، حتى لو كنت لا تمتلك/ي صوتاً جميلاً. أو اسمع/ي موسيقى على صوت عالٍ، وإبدأ/ي بالرقص مثلاً.
7- كن مستمعاً جيداً للآخرين
عليك عزيزي/عزيزتي القارئ/ة، أن تعمل/ي على تطوير مهارة الاستماع إلى الآخرين. إن الاستماع إلى مشاكل والدتك، أو أحد جيرانك، لا يعتبر مضيعة للوقت، وإنما استثماراً في بناء علاقات طيبة. حاول/ي أن تخففمي من التعبير عن ذاتك وحسب، بل عليك إعطاء فرصة للمحيطين بك، لتسمع منهم أحوالهم، ومشاكلهم، وهمومهم، وتشعر معهم.
8- لماذا لا تزرع/ي؟
إذا كنت تمتلك/ي مساحة للزراعة حول بيتك في الريف، أو كان لديك مساحة على شرفتك في المدينة. احضر/ي تراباً، وبعض البذور والشتول، وقم بزراعتها. ستراقبها وهي تنمو، وبالطبع، سينمو شيئٌ ما داخلك. سترويها، وتحافظ/ي عليها، وستصبر/ي لتصبح يافعةً، وتكتسب/ي مهارة الصبر.
إنه وبعد ذكر خطوات تعلم فن الصبر. لا بدّ من القول بأن الصبر يمكنه مساعدتك على تجاوز المواقف الصعبة، واتخاذ القرارات الصحيحة دون الشعور بالإنزعاج أو القلق. لذلك، إذا كنت تتذمر/ين من نفسك أثناء ضغوطاتك اليومية المتشعبة. فإن تطوير مهارات الإنتظار والتحمل يمكنها مساعدتك في جعل حياتك أفضل بكثير.