ما هي فوائد العزلة؟
” الوحدة لا تزرع شيئاً، بل إنها تجعل كل الأشياء ناضجة “، إحدى أشهر أقوال الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه. كلّ [2022/12/03] شيء في الحياة نسبيّ، والزمن هو وهم حسب الفيزيائي الألماني أينشتاين. بعبارة أخرى، قد تدرك/ين مفاهيم كبيرة ومجردة عند قراءة كتاب معيّن، في وقت قصير، قد لا تستطيع/ين إدراكها في حياتك اليومية، ولا تتبين إلاَّ بعد حين. ما هي العزلة؟ هل هي الإغتراب الإنساني عن المجتمع؟ أمّ أنها أداة لتحقيق التوازن النفسي والثقة بالنفس؟ لذلك، خصصنا هذا المقال للحديث عن ما هي فوائد العزلة.
مقالات مرتبطة:
نشوة العزلة: إبحار لا متناهي في غياهب الذات
” إنني لا أحيا في ماضيّ، ولا في مستقبلي. ليس لي سوى الحاضر، وهو وحده ما يهمني، إذا كان باستطاعتك البقاء دائماً في الحاضر، تكون عندئذ إنساناً سعيداً “. كيف يمكن أن تخلّد/ين اللحظة الحاضرة، إن لم تمتلك/ي القدرة على فهم ماهية وجودك، وطاقتك الإنسانية؟ هل يستطيع الإنسان، وفي ظلّ هذا الصخب الفكري، والتدجين اليومي، مع البحث الدائم عن السطلة، الشهرة، والمال من فهم نفسه؟ بالطبع لا، إذ أن العزلة المعنوية، هي التي تحطم قدرات الفرد ومستوى وعيه، لتدخله في دوامة من الإغتراب عن ذاته، وهي التي يمكن أن تشعر بها حتى لو كنت محاوطاً بالكثيرين حولك. نحن الآن في صدد الحديث عن العزلة الإيجابية، التي تجعلك قادراً على مواجهة مشاكلك وواقعك مهما كان صعباً.
1- تعزيز الإنتاجية
عندما تعمل/ين في مكان مليء بالأشخاص، فإنك ستشعر/ين بنوع من التشتت وانعدام التركيز في عملك، وإنتاجيتك المهنية. أمّا عندما تكون/ين لوحدك، فإن إنتاجيتك المهنية ستزيد حتماً، وستصبح/ين قادراً/ة على إنجاز المهمات اليومية بشكل أسرع وأفضل.
2- المساعدة على معرفة النفس
واحدة من أفضل فوائد العزلة، هي قدرتك على معرفة نفسك بشكل أوضح. على سبيل المثال، عدما تلتقي/ن بالعديد من الأشخاص يومياً، فستصبح طاقتك مرهونة بتأثيرات هؤلاء الأشخاص عليك، وستصل/ين إلى مرحلة من عدم المقدرة على معرفة رغباتك وتطلعاتك. لذلك، ستساهم العزلة في مساعدتك على تأمل نفسك بشكل أعمق، وبالتالي تحديد مسارك الحياتي، وسبل تحقيق السعادة الذاتية.
3- الشعور بالحرية المطلقة
عندما تكون بمفردك، فأنت باستطاعتك تجربة الأشياء التي لا تتجرأ/ين على تجربتها أمام المجتمع. فهذه تعتبر أشبه بحرية كبيرة، تمنحك التجربة من جهة، مع القدرة على اختبارها من جهة أخرى.
علاوة على ذلك، ستساعدك العزلة على تحسين صحتك المزاجية، وتعزيز ثقتك بنفسك عبر تجربة أشياء جنونية.
4- تحقيق الإسترخاء
تسمح لك العزلة بإعادة بلورة أفكارك، وتحديد خياراتك الحياتية بصفاء تامّ، وبالتالي تحقيق الإسترخاء. فالإنعزال من فترة إلى فترة أخرى، يساهم في منحك القدرة على تحديد أولوياتك، بعيداً عن التشتت الخارجي، الذي يقودك أحياناً إلى عدم اتخاذ قرار مصيري يحسن مستويات حياتك كافة.
5- إطلاق العنان للخيال
لا يمكن للفكر أن يطلق العنان لنفسه، إن لم تكن/ تكوني قادراً/ة على التخيل. عندما تنعزل/ين، فأنت تصبح/ين وبطريقة غير مباشرة قادراً/ة على تعزيز القدرة على التخيل، التي تعدّ ضرورية لخلق حالة من الإبداع، تطال مستوياتك الحياتية، وبالتالي تجعلك أكثر سعادة وراحة.
6- مكافحة التوتر والقلق
يتسبب الإجهاد اليومي، وأسلوب الحياة الضاغط في زيادة حدّة التوترات التي قد تؤدي إلى الإكتئاب مع مرور الوقت. لذلك، يمكن أن تساهم العزلة، في الإبتعاد قدر الإمكان عن هذه الأجواء الضاغطة، مع ممارسة رياضة التأمل واليوغا التي تساهم في تحقيق الإسترخاء.
7- منح الفرصة للتخطيط
أنت بحاجة إلى المال للإستمرارية الحياتية، ولكنك بحاجة أيضاً إلى الراحة. عندما تصبح/ين أسير/ة هذا التكرار الروتيني، فستصبح حياتك رهن الإدمان على العمل من جهة، مع البحث عن الراحة غير المجدية من جهة أخرى. إلاّ أن العزلة، تساعدك على معرفة آلية الراحة الحقيقية، الكامنة في تطوير المهارات، ومنح الفرص للتخطيط الحياتي والتطوير الذاتي.
8- تعزيز علاقتك بالآخرين
” قل لي من تعاشر، أقل لك من أنت “. لا يمكن التغافل عن أن العلاقات الإنسانية قائمة على تبادل الطاقات. قد تساعدك العزلة على اختيار الأشخاص المناسبين، والقادرين على إعطائك طاقة إيجابية تساعدك على الإستمرار. ستساهم العزلة في تحسين مستوى فهمك لأطباع الناس، ومعرفة كيف تختار/ين أصدقائك وشركائك.
أخيراً، وبعد الحديث عن ما هي فوائد العزلة. يمكن القول، إن العزلة هي أشبه بنشوة روحية تدفع الإنسانية إلى تغليب الخير على الشرّ، وإلى بناء مجتمعات قادرة على إحداث تغييرات إيجابية، على المستويات كافّة.