صحة نفسية

علامات تدل على أنك في علاقة سامة

[آخر تحديث: 23/3/18] «اقترب ممن يفتحون في روحك نوافذ من نور، ويقولون لك إنه في وسعك أن تضيء العالم». هكذا يذكر المتصوف شمس التبريزي. ولكن ماذا تعني هذه المقولة؟ وكيف يمكن أن يؤثر الشريك على وضعك النفسي، والإجتماعي، وعلاقتك بذاتك؟ إنطلاقاً من ذلك، لا بدَّ من القول إنَّ العلاقة بين الشريكين، أو الحبيبين، أو الزوجين، قد نتسجها المشاكل والتخبطات. ولكنها في بعض الأحيان تتجاوز حدود هذه المشاكل الروتينية وتصل إلى إلى حدّ وصفها بالعلاقة السامة، أو ما يعرف بالـ «Toxic Relationship». لذلك، خصصنا هذا المقال للحديث عن علامات تدل على علاقة سامة.

ما هي علامات العلاقات السامة؟

تختلف العلامات التي تصنف العلاقة، حسب طبيعتها، وخلفياتها، وظروفها. تتفاوت هذه العلامات بين الخفيفة والشديدة. إلاّ أن العلامات التي تظهر بأنها خفيفة يمكن أن تتطور مع الوقت لتصبح مشكلة كبيرة، تسممّ العلاقة، وتساهم في تدمير الوضع النفسي للطرفين. إليك أبرز هذه العلامات.

1- السخرية والتقليل من شأنك

من المؤكد أن التقليل من شأن الآخر ينتج عن خلل نفسي، متواجد لدى الطرف الذي لا يلبث أن يبدي عبارات سخرية، تجعل العلاقة سامّة مع مرور الوقت. على سبيل المثال، إذ شعرت بأن الطرف الآخر يوجه لك الإنتقادات الدائمة، ويحاول التقليل من شأنك في الجلسات الاجتماعية، ولو بطريقة مازحة، فهذا يعني أنه يجب المغادرة. قد تظهر لك هذه التفاصيل بسيطة في البداية، إلاّ أنها ستتحول فيما بعد إلى مشكلة تفقدك ثقتك بنفسك، والقدرة على اتخاذ قراراتك.

2- النقص في الدعم

يعتبر الحب مفهوماً مجرداً ومطلقاً، غير محكوم لقوانين المنطق. ولكن، يمكن تعريف الحب على أنه لوحة يمتزج فيها الإلتحام الجسدي والروحي بأسمى حلله. الحب هو الطاقة التي تجعلك تفتح أمامك آفاقاً واسعة من التفكير. الحب هو ذلك الشعور الذي يختطفك من ذاتك لتجد نفسك من جديد، وتعي ماهية وجودك بطريقة متجلية. إذاً، سيقدم لك الحبُ الدعم المناسب لتحافظ على توازنك النفسي، الضروري لبناء بيئة سليمة للاستمرار في العلاقة.

لذلك، إذا كنت تشعر/ين خلال العلاقة، بأن الطرف الثاني غير داعم لك، وغير قادر على بث الطاقة الإيجابية التي تساعدك على التخلص من شعور القلق والضعف، فيجدر بك المغادرة دون النظر خلفك بتاتاً.

3- الإنفعالية الزائدة وردود الفعل السريعة

قد تكون الإنفعالية من الأطباع الشخصية التي يمكن التعامل معها في بعض الأحيان. ولكن، هناك بعض الأشخاص الذين لا يمكن توقع ردود أفعالهم، ومدى حديّة الإنفعالات التي تصدر عنهم. يمكن أن تتحول هذه الإنفعالات، إلى عنف لفظي، وجسدي.

بالإضافة، إلى أن الطرف الآخر لن يستطيع البوح بمشاعره ورغباته، خوفاً من ردود أفعال الطرف الآخر. وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى إلغاء شخصية الطرف الثاني، وعدم قدرته على اتخاذ أي قرار. سيؤثر هذا بالتأكيد على الوضع النفسي للطرف المستضعف، وكذلك على الأطفال.

4- الإتكال عليك دائماً

من أكثر العلامات التي تدلّ على علاقة سامّة، هي إذا كان أحد الأطراف يعتمد على الطرف الآخر لاتخاذ القرارات من أبسطها إلى أعقدها. علاوة على ذلك، يمكن أن يصدر عنه إنفعال شديد ما إذا كان القرار خاطئاً.

وأخيراً، قد يؤدي هذا النوع من العلاقات إلى شعور من القلق الدائم، والخوف من اتخاذ قرارات خاطئة. بالإضافة إلى شعور الإستنزاف والإرهاق.

5- يشعرك بالذنب دائماً؟

تتخذ سياسة بث الشعور بالذنب في العلاقات أوجهاً عديدة. أبرزها قد يكون نقل الدعم الواهي، ومن ثم اللوم على أي تصرف خاطئ. بما معناه، هناك بعض الرجال الذين يشجعون النساء على العمل، والخروج من المنزل. قد يظهر هذا بأنه دعم للطرف الآخر، ثم يعودون لإلقاء اللوم عليهم بشكل متكرر، واعتماد سياسة بث الشعور بالذنب، بأن كل ما يحدث من تقصير، هو نتيجة الخروج من المنزل والعمل.

6- الخيانة والكذب باستمرار

واحدة من أكثر العلامات التي تسمم العلاقة. هي خلق الأكاذيب للإستمرار. وهذا ما قد يؤدي إلى فقدان الثقة بالشريك من جهة، وبنفسك من جهة أخرى. إن العلاقة المبنية على الخيانة لا يمكن أن تصلح، بل ستؤدي إلى انهيارات فادحة، تاركة خلفها تداعيات نفسية حرجة على الأطراف، وكذلك على الأطفال.

7- الغيرة المفرطة والشك

على الرغم من أن الغيرة، هي حب من نوع آخر حسبما يذكر الكثيرين. ولكن، ما يقصد هو الغيرة التي تعزز ثقة الطرف الآخر بنفسه، وتجسد الاهتمام والشغف. ولكن، يمكن أن تصبح الغيرة مرضية، تفقد الطرف الآخر مساحته الخاصة واستقلاليته.

على سبيل المثال، الأسئلة الدائمة، والتفتيش بالأغراض الخاصة، والمراقبة الدقيقة لكل تفصيل مهما كان صغيراً. وهذا ما يجعل العلاقة سامة، غير معتمدة على الإحترام والثقة. وهنا يجب المغادرة فوراً.

8- عدم الاهتمام بنفسك

عندما يتحول اهتمامك نحو الشريك، في جميع الأوقات، لدرجة إهمال نفسك وحاجاتك، ومظهرك، محاولة في جميع إرضاءه بكل الأحوال، تلبية تلبيةً لحاجاته، ومطالبه، بهدف أن يرتقي ويعلو شأنه، فعليك إعادة النظر بشكل العلاقة.

قد يقع الشخص أسير العواطف والتعلق من جهة، والمنطق العقلاني من جهة أخرى. وهذا ما يسبب صراعاً بين الرغبة بالتخلي وعدم القدرة في الوقت نفسه.

من ناحية أخرى، لا بدّ من ذكر بأن الفكرة ليست بالعلامات المذكورة أعلاه، وإنما بتكرار هذه العلامات على المدى الطويل. إذ، أننا نعلم، بأن الإنسان متقلب، ومتناقض، ومتغير حسب الظروف المحيطة ونسبة وعيه، ومن المتوقع أن يقع أسير الشكوك، والقلق، والتأثيرات المادية…و هذا ما يمكن أن يؤثر على مسار علاقته العاطفية.

علامات تنبهك على ضرورة التخلي

غالباً ما تكون البدايات أجمل، إذ تحمل فورة من مشاعر الشغف والحماس، وبأن الحياة وردية خالية من المشاكل. حيث يتمّ النظر إلى العلاقة العاطفية في البداية على أنها قوالب من الهدايا، وتكرار للكلمات الشاعرية، وبأنها ثابتة ضمن معايير محددة.

ولكن، الإنسان متغيّر، ومتقلب، وما يمكن أن يكون الآن وردي وجميل، سيصبح مع الوقت مملاً إلى حد كبير. بعبارة أخرى، سيؤدي التقارب، والتعارف إلى إيضاح تفاصيل بسيطة، لم يتمّ الإنتباه إليها في البداية، وهذا ما قد يجعل العلاقة سامّة في أحيان كثيرة.

مما لا شك فيه أننا نعيش في مجتمعات قائمة على رواسب إجتماعية بالية، تعمل على تجريد الإنسان من كينونته وتفرده. إذ يتمّ النظر إلى العلاقة بين الشريكين، على أنها أشبه بصفقة تجارية، تسوق الإمرأة إلى تحجيم نفسها ضمن أطر مادية من ناحية، والتغاضي التام عن المسار السليم للعلاقة من ناحية أخرى.

إذ شعرت بأن الطرف الآخر يوجه لك الإنتقادات الدائمة، ويحاول التقليل من شأنك في الجلسات الاجتماعية، ولو بطريقة مازحة، فهذا يعني أنه يجب المغادرة.

« يمتلك منزلاً كبيراً، وكثيراً من المال لشراء جميع الإحتياجات، وسيارة فخمة، ومنصباً عالياً »، فهذا هو الشريك المخلص، الذي يؤمن كل ما ترغبين به. ما هذا الهراء؟ ماذا يعني أن يؤمن لك ما ترغبين به؟ وماذا عن التوافق الفكري، والإلتحام الجسدي والروحي الذي يبحر بالإنسان إلى ما لا نهاية؟

تعقيباً على ما ذكر، أصبحت حالات الإنفصال في ازدياد يوماً بعد يوم، مخلفة نتائج نفسية كارثية على الأطفال، نتيجة عدم الوعي الكافي بماهية العلاقات وجوهرها الحقيقي. لذلك، وتجنباً لتدمير الروابط العائلية، وإنتاج تشتت نفسي يصعب معالجته. هناك بعض العلامات التي يمكن للطرفين ملاحظتها قبل الزواج.  

ماذا عليَّ أن أفعل؟

قد يكون الحب من أسمى المفاهيم الحياتية، والتجسيد الحتمي للخير على هذه الأرض. أمّا فيما يخصّ العلاقات العاطفية، يمكن أن تتخالط الأمور بين الحب أو الرغبة في الحب، وبين القضايا الروحية والمادية. إذاً، عليك معرفة أنك في علاقة سامّة، أو غير صحية بشكل كاف، تجنبك اتخاذ قرار البقاء مع الشريك.

 لذلك، لا بدّ وعند وجود هكذا علامات، أن تطرح على نفسك بعض الأسئلة. هل هذه العلامات ناتجة عن ظروف آنية أم أنها ناتجة عن خلل نفسي ما؟ وهل أستطيع تحمل الطاقة السلبية والإيذاء الناتج عن سلوكه لأنني أحبه؟ هل يمكنني التضحية والإستمرار؟ هل هناك حلول؟ إذا شعرت بأن العلاقة قابلة للإصلاح، فيمكنك بذل المجهود اللازم لحماية عائلتك. أمّا إذا شعرت بأن العلاقة أصبحت تفقدك توازنك النفسي، والقدرة على السيطرة، فهذا يعني أن المغادرة باتت الحلّ الوحيد.

ندى جوني

كاتبة محتوى إلكتروني، أعمل في مجال الأبحاث. حاصلة على شهادة البكالوريوس، وأحضر حالياً لنيّل شهادة الماجستير. مهتمة بالقراءة والكتابة والتأليف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى