كيف تتغير أنماط النوم مع التقدم في العمر
يعتبر النوم من العمليات الفيسيولوجية المعقدة. لا تتأثر جودة النوم فقط بأساليب الحياة المتبعة، وإنّما تخضغ لتحولات ملحوظة خلال مسار حياة الإنسان. فمن المراحل المبكرة، إلى السنوات اللاحقة، تتطور أنماط النوم استجابة لعوامل بيولوجية، عقلية، وبيئية. سنتناول في هذا المقال الحديث عن كيف تتغير أنماط النوم مع التقدم في العمر.
1- تعقيدات النوم وتغيراته من الطفولة إلى الشيخوخة!!
يعدّ النوم ركيزة أساسية في حياة الإنسان. إذ، يقدم فوائد كبيرة تتجاوز الراحة والإسترخاء. يخضع الجسم أثناء النوم لعمليات ترميمية مهمة، مثل:
- إصلاح الأنسجة.
- تقوية جهاز المناعة.
- تنظيم مستوى الهرمونات.
- يلعب النوم أيضاً دوراً محورياً في الوظائف المعرفية.
- يحسّن المزاج ويعزز النشاط البدني.
من ناحية أخرى، لا تبقى جودة النوم نفسها مع التقدم في العمر. لذلك، يصبح من الضروري فهم هذه المتغيرات للحفاظ على الصحة البدنية والمعرفية المثلى في كل مرحلة من مراحل الحياة.
2- النوم أساس في الطفولة
في مرحلة الطفولة، يعتبر النوم نشاطاً أساسياً ومهيمناً. إذ، يلعب دوراً مهماً في النمو العصبي والجسدي. يقضي الأطفال حديثي الولادة أغلب أوقاتهم نائمين. ينتشر نوم حركة العين السريعة، المرتبط بالحلم والنمو المعرفي، بشكل كبير لدى الأطفال الرضع. لكن، ومع انتقال الأطفال إلى مرحلة الطفولة المبكرة، تندمج أنماط النوم في فترات نوم ليلية أطول، وقيلولات نهارية أقصر. يحدث تزامن إيقاع الساعة البيولوجية خلال هذه المرحلة، مما يضع أساساً لأنماط النوم المستقبلية.
3- المراهقة: تحدّي تغيير الإيقاعات اليومية
في مرحلة البلوغ، يتعرّض الجسم إلى تغيرات فيسيولوجية، هرمونية، إجتماعية، ونفسية تؤثر بدورها على دورة النوم لدى المراهق. إذ، يعاني المراهقون من تأخير طبيعي في إفراز هرمون “ الميلاتونين “، وهو الهرمون الذي ينظم دورات النوم والإستيقاظ. على سبيل المثال، يسبب أسلوب الحياة والمتطلبات الإجتماعية، كبدء الدراسة في وقت مبكر، على عدم الحصول على النوم الكافي، بالإضافة إلى النعاس خلال فترات النهار. يرتبط هذا الاختلال، بين إيقاع الساعة البيولوجية الداخلية، والجداول الخارجية. مما يؤدي إلى انخفاض الأداء الأكاديمي، واضطرابات المزاج مع الشعور الدائم بالقلق.
4- مرحلة الشباب: الموازنة بين أسلوب الحياة واحتياجات النوم
مع دخول الأفراد مرحلة البلوغ، تستقر أنماط النوم. بعبارة أخرى، يبدأ الجسم بالتأقلم مع الضغوطات اليومية. يصبح مقدار النوم المطلوب بين 7 إلى 8 ساعات يومياً. ومع ذلك، يمكن للمسؤوليات العملية والضغوطات الإجتماعية، أن تعطل دورات النوم الصحية. علاوة على ذلك، يمكن للضوء الأزرق المنبعث من الشاشات والهواتف الذكية، أن يحد من إنتاج” الميلاتونين “، مما يؤثر بشكل سلبي على القدرة على النوم بشكل أفضل. بالإضافة إلى ذلك، تسبب جداول النوم غير المنتظمة إلى الإصابة بظاهرة تُعرف باسم ” اضطراب الرحلات الجوية الطويلة “، حيث تختلف أنماط النوم في عطلات نهاية الأسبوع بشكل كبير عن أيام الأسبوع العملية.
5- مرحلة منتصف العمر: التغيرات المستمرة في هندسة النوم
يتميز منتصف العمر بالتغيرات في بنية النوم وتنظيم مراحله. إذ، ينخفص نوم الموجة البطيئة، والمعروف أيضاً تحت مسمى النوم العميق. يرتبط هذا الإنخفاض، بضعف الذاكرة والمرونة المعرفية، ويصبح النوم المتقطع أكثر شيوعاً وتعارفاً. في المقابل، تساهم التغيرات الهرمونية، بزيادة اضطرابات النوم. لذلك، يصبح من الضروري ممارسة بعض العادات الصحية والجيدة، من أجل الحفاظ على جداول نوم منتظمة، وإدارة الإجهاد.
6- الشيخوخة: احتضان تغييرات النوم
تستمر أنماط النوم في التغيّر والتطور في سن الشيخوخة. غالبًا ما يعاني كبار السن من أوقات نوم واستيقاظ مبكرة، وهي ظاهرة يشار إليها بمرحلة النوم المتقدمة. كذلك، يظهر الإنخفاض بوضوح في نوم حركة العين السريعة، مما يؤدي إلى انخفاض نشاط الذاكرة. علاوة على ذلك، تؤدي الظروف الصحية والإفراط في تناول الأدوية، إلى إحداث تغييرات في إيقاع الساعة البيولوجية المرتبطة بالعمر. لكن، يمكن اتباع بعض الإستراتيجيات والممارسات البسيطة التي تساعدك على تحسين جودة نومك. على سبيل المثال، ممارسة التمارين الرياضية، عدم الإفراط في تناول الكافيين والمنبهات، والإبتعاد عن القيلولة.
أخيراً، وبعد الحديث عن كيف تتغير أنماط النوم مع التقدم في العمر. يمكن القول، إن محاولة فهم هذه التغيرات أمراً مهماً وضرورياً من أجل الحفاظ على جسد سليم ومزاج جيّد. لذلك، ومن خلال الإعتراف باحتياجات النوم، والتحديات التي تواجهها كل فئة عمرية، يمكن للأفراد اتخاذ قرارات دقيقة لإعطاء الأولوية لجودة النوم، وإدارة الاضطرابات المرتبطة به، بالإضافة إلى تبني عادات نوم صحية.