لماذا ننجذب إلى من يرفضنا؟
[24/9/2022] عندما نشعر بالرفض، يخال إلينا أن الشخص الوحيد الذي سيجعلنا نشعر بالسعادة هو الذي يرفضنا ويبتعد عنّا. ومن هنا، تبدأ الصراعات الداخلية والتخبطات النفسية بالتأثير على جوانبنا الحياتية جميعها، ليتحوّل تركيزنا على التوسّل إلى هذا الشخص لأنه سيخفف ألمنا. ثم نبدأ بممارسة حالة الإنكار، وعدم القدرة على تقبل الحقائق والوقائع. مما يؤثر بشكل سلبي على مسارنا الشخصي والنفسي، والذي يصل إلى مراحل متطوّرة من الشعور بالإكتئاب واليأس. لذلك، سنتناول في هذا المقال، الإجابة عن سؤال: لماذا ننجذب إلى من يرفضنا حسب علم النفس.
مقالات مرتبطة:
وهم السعادة…توسّل الحب والإحترام من الذي يرفضنا!!
تعود ظاهرة توسّل الإحترام، والتقدير، والحب من الشخص الذي يرفضك، إلى خلفيات نفسية ودماغية، ناتجة عن علاقتك بعائلتك، وبمحيطك، وحتى نظرتك اتجاه نفسك والظروف الحياتية التي قمت بمواجهتها منذ الصغر حتى الآن. ضمن السياق نفسه، أشارت بعض الأبحاث، إلى أن الإستمرار في الرفض يمكن أن يؤدي إلى زيادة الشعور بالتعلّق والإثارة. فكما نعلم، أن هناك بعض الشخصيات التي تعشق شعور الضحية، والتي تعرف تحت مسمى ” الشخصية المازوخية “، التي تقسو على نفسها بشكل كبير. فلماذا تنجذب بعض الشخصيات إلى من يقابلها بالرفض؟ إليكم/ن بعض الأسباب، فيما يلي.
1- الإستسلام والإعتياد
كما قيل سابقاً، إن هناك أشخاصاً كثيرين يصنفون من الشخصيات ” المازوخية “، التي تهوى تعذيب نفسها وجلدها باستمرار. وهذا ناتج بالطبع عن التنشئة في مرحلة الطفولة. تصبح هذه الشخصيات مستسلمة بشكل مبالغ به للمواقف المؤلمة التي مرّت عليها، لتجد أنها مستمتعة بهذا التعوّد. إذاً، سيشكل الإنجذاب للرفض بشكل دائم إلى خلق حالة من الإشباع لهؤلاء الأشخاص.
2- الخوف من تقبل الواقع نتيجة الأوهام
إن عدم القدرة على اتخاذ قرار الإبتعاد رغم الوقائع المؤلمة والملموسة، هي نتيجة حالة الإنكار المستمرة والإعتقاد الدائم بأن الطرف الآخر يكنّ المشاعر نفسها. هذه الأوهام هي حصيلة النقص العاطفي المتراكم على مرّ السنين، وانعدام الوعي والثقة بالنفس. فالإنسان يحتاج دائماً إلى أن يكون بمفرده لعلاج مشاكله وإيجاد الحلول اللازمة للتغلب على العقبات. أمّا في هذه الحالة، فيشعر الشخص المازوخي بأنه لا يستطيع البقاء لوحده، ولا يستطيع مواجهة الحقائق، فيلجأ إلى إقناع نفسه بشكل دائم بأن الرفض هو حبّ من نوع آخر.
3- الأنانية الناتجة عن العلاقات السامة السابقة
يمكن أن تؤثر العلاقات السامة التي مرّ بها الشخص سابقاً، على التطرّف في مواقفه اتجاه الآخر. بعبارة أخرى، قد ينجذب إلى من يرفضه في الوقت الذي يعتمد سلوك الإخضاع، والأنانية، والطلب الدائم بالإهتمام لتعويض النقص الناتج عن العلاقات السامّة التي مرّ بها سابقاً. قد تؤدي هذه الإزدواجية في التعامل إلى الإصرار على الوصول إلى الغاية المرجوة بطرق مضطربة تدلّ على المعاناة من الأمراض النفسية.
4- الحلم الرومانسي
عندما يعتاد الإنسان على التعلق بشخص ما، والإيمان بحتمية الحب بدلاً من الإبتعاد لاستعادة توازنه النفسي وتحسين حالته المزاجية. يصبح عندها إغواء الشخص الذي نحبه والذي لا يبادلنا المشاعر نفسها في ذات الوقت، طريقة واضحة للتأكيد على احترام الذات وتقديرها. فبالنسبة للرجل، يصبح هذا الحلم طريقة للإثبات بأنه يستطيع تحقيق الفوز بأي ثمن. أمّا بالنسبة للمرأة فيأتي هذا الحلم الرومانسي نتيجة تأثرها بقصص الحب الخيالية، التي تعتمد على الأمير الساحر الذي لا غنى عنه.
أخيراً، وبعد الإجابة عن سؤال لماذا ننجذب إلى من يرفضنا حسب علم النفس. يمكن القول، إن العلاقات العاطفية يجب أن تأتي نتيجة وعي وتقدير للذات، لأنها علاقات مبنية على تبادل الطاقات الإيجابية، وآلية فعالة لتحقيق التوازن الإنساني القادر على الإكتفاء والتطوّر في مجالات حياته كافة.