كيف تكافح الرغبة بالإنتحار
[5/1/2023] تزايد في الآونة الأخيرة إقدام عدد كبير من الأشخاص، ولا سيّما الشباب على الإنتحار في المنطقة العربية. وهذا بالطبع ناتج عن الظروف السياسية، الإقتصادية، والنفسية الصعبة التي يمرّون بها. ولهذا، خصصنا المقال أدناه للحديث عن كيف تكافح الرغبة بالإنتحار. إن كانت لدى أي شخص، نيّة أو أفكار، في هذا الإطار.
مقالات مرتبطة:
1- الإنتحار: جدلية دخلت الفكر من أوسع أبوابه
غاص الفلاسفة والمفكرون في تحليل المكنونات الإنسانية، وارتباطها بالميتافيزيك. على سبيل المثال، فككت المدرسة الوجودية بزعامة الفيلسوف الفرنسي ” ألبير كامو “، مفهوم الحياة والموت، وتوصلت بدورها إلى أن الحياة عبثية. بعبارة أخرى، لا فائدة من أي مجهود يقدمه الإنسان في حياة غير مجدية وغير جديرة بالفكر الإنساني.
في المقابل، نشر الفكر الصوفي أهمية العلاقة التي تنشأ بين الإنسان والطبيعة، والتي تجعله يدرك بتفاصيل بسيطة جوهر الفردوس الذي ينتظره فيما بعد. كذلك، فسّر علم النفس دوافع الإنسان الواعية واللاوعية التي تدفعه إلى الإنتحار، رابطاً إيّاها بجوانب إجتماعية، وشخصية، واضطرابات كثيرة. منها مرحلة الطفولة، اضطراب ما بعد الصدمة، بالإضافة إلى مشاعر القلق والإكتئاب.
2- لماذا يقدم الإنسان على الإنتحار؟
عندما تواجه/ين الصعوبات الحياتية المتجسّدة بخيبات الأمل المتكررة، مع فقدان السيطرة على الظروف الخارجية والمحيطة. قد تلجأ/ين إلى التفكير بشكل سوداوي، يصل إلى حدّ الإقدام على الإنتحار، لأنه أصبح باعتقادك أنه الحلّ الأمثل والجذري للتخلّص من جميع أنواع الآلام.
تمرّ عملية الإنتحار بثلاثة مراحل:
التفكير بالإنتحار: أي الأفكار السوداوية التي تدور في رأس الإنسان، بعد تعرضه لصدمة كبيرة، أو لخيبة أمل في حياته…
محاولات الإنتحار: أي محاولات الإنسان غير الناجحة في إنهاء حياته.
حدوث الإنتحار: فقدان الشخص لحياته.
لا شكّ أن الإنتحار يأتي نتيجة شعور من الإكتئاب والقلق، يرافق الإنسان بعد تراكمات حياتية صعبة. قد يقدم الإنسان على الإنتحار عند تكرار الفكرة في رأسه، لتصبح بمثابة قرار. بالطبع، كلّنا مررنا بفترات عصيبة، جعلتنا نشعر بعدم القدرة على الإستمرار، والعجز التام عن الإستمتاع بالتفاصيل الصغيرة التي تخلق شعور من السعادة. ولكن، لم نقدم جميعنا على الإنتحار.
3- الأعراض التي تنتج عن التفكير المستمر بالإنتحار
- العزلة.
- الشعور الدائم باليأس.
- الحديث عن الموت باستمرار.
- تعاطي المخدرات.
- التقلبات المزاجية الحادّة.
- الشعور الدائم بالقلق.
- اضطرابات في النوم.
- فقدان الإهتمام بالأنشطة الإجتماعية.
- الإهمال المفرط بالمظهر الخارجي.
4- الأسباب الكامنة خلف الإنتحار
تتنوع الأسباب وتتفاوت، التي قد تؤدي إلى الإقدام على قرار الإنتحار. بالطبع، يأتي التفكير الدائم بالإنتحار نتيجة الشعور بالحزن، واليأس، والإحباط. إذاً، ما هي أبرز هذه الأسباب؟
- الصدمات العاطفية التي تنتج عن العلاقات السامّة.
- اضطرابات في الصحة العقلية: مرض الإكتئاب، أو اضطراب ثنائي القطب…
- اضطراب ما بعد الصدمة الناتج عن التعرض لصدمات كبيرة. على سبيل المثال، الحروب، الموت، أو الإغتصاب…
- الطفولة المضطربة الناتجة عن ظروف عائلية صعبة.
- إدمان المخدرات والكحول.
5-كيف تكافح/ين الرغبة بالإنتحار؟
” حياتنا هي رحلة مستمرة من المهد إلى اللحد…يتغير المنظر الطبيعي، يتغير الأشخاص…تتغير احتياجاتنا…غير أن القطار يواصل سيره، الحياة هي القطار وليست المحطة “!! إحدى أقوال باولو كويلهو. ما يراد قوله من ذكر هذه المقولة، أن جوهر الحياة يكمن في اللحظة المعاشة، وليس في الماضي الذي لن يعود والمستقبل المجهول.
5.1 عدم التسرع في اتخاذ القرارات
عندما تصاب/ين بأي نوع من الأحباط، احرص/ي على عدم أخذ أي قرار بشكل عشوائي. حاول/ي فقط أن تركز/ي على كيفية تمرير اليوم وليس الحياة بأكملها. إذا اعتمدت/ي هذه الممارسة، ستجد/ين نفسك أنك قادر/ة على التعامل بشكل أفضل مع نفسك ومع المشكلة أيضاً.
5.2 ضرورة استشارة طبيب نفسي
هل تشعر/ين بأنك بدأت بفقدان السيطرة على نفسك، ولم تعد قادراً/ة على التخلص من الأفكار السوداوية التي ترافقك؟ من الضروري في هذه الحالة، استشارة طبيب نفسي مختص، يساعدك على مواجهة المشاكل.
5.3 ضرورة ممارسة ” التطهير النفسي “
عندما تفكر/ين بالإنتحار، قد يخطر في ذهنك أنك الوحيد/ة الذي/التي يعاني/تعانين من مشاكل وعقبات. ولكن، إذا تأملت قليلاً من حولك. ستجد/ين أن الحياة مليئة بأشخاص، يعانون من مشاكل وكوارث كبيرة، قد تكون أخطر وأصعب من التي تعاني/ين منها. لذلك، يجب دائماً ممارسة التطهير النفسي، الذي يقتضي بالقول، ” الحمدلله لست مكانه “. يمكن لهذه العبارة، أن تعيد صياغة أفكارك وتجعلها أكثر إيجابية.
5.4 الحصول على الدعم من العائلة والأصدقاء
يمكن أن يساعد إشراك العائلة أو الأصدقاء المقربين في المشاكل التي تعاني/ن منها، في تعزيز الدعم المعنوي، ومساعدتك على فهم مشاكلك وطرق التعامل معها.
5.5 اتباع نمط حياة صحي
تؤثر بعض الممارسات التي يمكن أن تزيد من حدّة الأفكار السوداوية والإنتحارية في ذهنك. من ضمنها، عدم النوم بشكل كاف، أو تناول الحلويات والوجيات السريعة…لذلك، من الضروري اتباع بعض الخطوات التي تحسن من الحالة المزاجية. على سبيل المثال:
- ممارسة رياضة اليوغا والتأمل.
- النوم بشكل منتظم.
- تناول البروتينات، والمعادن، والألياف…
- تخصيص وقت لممارسة الأنشطة الترفيهية والهوايات.
- عدم الإفراط في التدخين وتناول المنبهات.
- الإبتعاد عن مواقع التواصل الإجتماعي.
- قراءة الكتب وسماع الموسيقى.
أخيراً، وبعد الجديث عن كيف تكافح الرغبة بالإنتحار. يمكن القول، أن منذ ولادة الإنسان على هذا الكوكب، وهو يسعى بشتّى الطرق لفهم كينونته، وعلاقته مع كل ما يدور حوله. سيتعرض بالطبع إلى عقبات كثيرة. سيمرّ في فترات حزن وفرح. فالحياة لا تمضي بشكل محدد. لذلك، يجب أن يعي دائماً، أن لا شيء يبقى على حاله، وأن الحياة تستحق أن تعاش.