ما هو مرض رهاب المجهول؟
التفكير المفرط في المستقبل والخوف الدائم من الغد، يعرف تحت مسمى ” رهاب المجهول “. فمنذ ولادة البشرية وهي على معرفة تامّة بأنها فانية، ولكنها تسعى بشكل كبير للإستمرارية وتحقيق مكاسب مادية، عاطفية، وإجتماعية. على الرغم من أن الطموح ميزة جميلة في تركيبة الإنسان، إلاّ أنه قد يصبح أشبه باضطراب مرضي، إذا لم يبقَّ ضمن إطار السيطرة. إذاً، سنتناول في هذا المقال الحديث عن ما هو مرض رهاب المجهول؟
كيف يهدد الخوف من المستقبل توازن الإنسان النفسي والجسدي؟
إن الخوف من المستقبل أو ما يعرف تحت مسمى ” رهاب المجهول “، هو حالة نفسية سائدة، تؤثر بشكل متفاوت على مسار الفرد وتوازنه الشخصي. على الرغم من كلّ المخططات التي يضعها الإنسان، والتي يرسم من خلالها شكل حياته على مختلف الأصعدة، يبقى غير قادر على تحديد ماهية هذا المستقبل وجوانبه الدقيقة. لذلك، سيتمّ الحديث في هذا المقال عن العوامل النفسية والمعرفية التي تساهم في حدوث هذا الخوف من جهة، بالإضافة إلى كيفية مواجهة هذا الإضطراب من جهة أخرى.
1- أسباب الخوف من المستقبل
ينتج عن ظاهرة الخوف من المستقبل أسباب عديدة ومتشعبة. إليك أبرزها:
- انعدام اليقين: يمكن أن تؤدي الطبيعة غير المعروفة للأحداث المستقبلية إلى إثارة القلق، خاصة لدى الأفراد الذين لديهم قدرة منخفضة على تحمل عدم اليقين.
- التجارب المؤلمة: إن التعرض للإضطرابات النفسية أو خيبات الأمل، يخلق خوفاً كبيراً من أحداث مماثلة في المستقبل. مما يؤدي إلى زيادة شعور الخوف والقلق مما سيحدث لاحقاً.
- الإفراط في المثالية: غالباً ما يخشى الأفراد الذين يسعون إلى حياة كاملة ومثالية من عدم تلبية توقعاتهم أو توقعات الآخرين في المستقبل. مما يؤدي إلى القلق الإستباقي.
- التحيزات المعرفية: إن التفكير السلبي والمبالغة في تقدير النتائج السلبية، مع التقليل من قدرة الفرد على التأقلم، تساهم في زيادة شعور الخوف من المستقبل.
2- أعراض رهاب المجهول
يمكنك من خلال بعض الأعراض إدراك مدى إصابتك باضطراب رهاب المجهول، والتي تتفاوت تبعاً لكل شخص:
- القلق المفرط: إن الإفراط في التفكير في تفاصيل الأحداث التي يمكن أن تحدث في المستقبل، تؤدي إلى الشعور بالقلق، حتى لو كان من غير المحتمل حدوثها.
- الأعراض الجسدية: يؤدي الخوف من المستقبل إلى زيادة معدل ضربات القلب، التعرق، وتوتر العضلات.
- سلوكيات التجنب: قد يتجنب الأفراد المواقف، الأماكن، أو الأنشطة الي تثير تفكيرهم في المستقبل. وهذا ما يؤثر بالطبع على نشاطهم اليومي وقدرتهم الإنتاجية من جهة، وحياتهم الإجتماعية من جهة أخرى.
- اضطرابات النوم: يؤدي رهاب المجهول إلى إحداث اضطرابات في النوم. بعبارة أخرى، يكافح التفكير المستمر قدرة الفرد على الإسترخاء والنوم. مما يسبب حالة من الأرق والإستيقاظ المستمر أثناء الليل.
3- أبرز طرق العلاج في الحالات المستعصية
تتنوع أساليب وطرق العلاج تبعاً لمستوى القلق الذي يعاني منه الأفراد، حسب ظروفهم وإدراكهم للوقائع العملية.
- العلاج السلوكي المعرفي: تساعد تقنية العلاج السلوكي المعرفي على إعادة الهيكلة المعرفية والعلاج بالتعرّض. تساعد هذه التقنية الأفراد على تحدّي أفكارهم القلقة وتعديلها.
- تناول الأدوية: تشير الدراسات بدور الأدوية، ولا سيّما مثبطات إعادة إمتصاص السيروتونين الإنتقائية في إدارة أعراض القلق.
4- ممارسات تحدّ من اضطراب رهاب المجهول
في بعض الأحيان، قد لا يصل الخوف من المستقبل إلى مستويات عالية، تتطلب علاجاً طويلاً. بل يمكن، أن تتمّ مكافحته عبر بعض الممارسات السهلة والبسيطة. إليك أبرزها:
- تدوين اليوميات: يساعد تدوين اليوميات على تشجيع الأفراد على استكشاف مخاوفهم بطرق شفافة، وبالتالي تحديد المشكلة من جهة، وطريقة التعامل الأفكار غير العقلانية والمنطقية من جهة أخرى.
- ممارسة الإسترخاء: إن إدخال تقنيات الإسترخاء في روتين حياتك اليومي، يساعد على تحسين القدرة على التنفس وتحسين الحالة المزاجية، التي تساعد بدورها على مكافحة القلق.
- الدعم الإجتماعي: يمكنك مشاركة مخاوفك مع الأصدقاء والعائلة، وهذا ما يساعدك في الحصول على الدعم العاطفي والإجتماعي، وتعزيز الشعور بالأمان والترابط.
أخيراً، وبعد الحديث عن ما هو مرض رهاب المجهول؟ يمثل الخوف من المستقبل تحدياً نفسياً كبيراً، ولكن، يمكن التحكم فيه من خلال الفهم والوعي بخطورته. لذلك، إذا كنت من الأشخاص الذين يعانون من هذا الإضطراب، يمكنك اعتماد بعض الطرق البسيطة التي تساعدك في التخلص منه، أو استشارة طبيب مختصّ لتلقي العلاج اللازم.