لماذا تزداد الضغوطات النفسية في عصرنا؟
أريد الذهاب إلى منطقة هادئة في الطبيعة، بعيداً عن صخب الحياة اليومية! مع التقدم التكنولوجي وازدياد الإستهلاك الإنساني، ابتعد الأفراد عن أنفسهم، وباتوا في تحدٍ دائم بين شبح الإستهلاك الذي يرافقهم في كل جوانبهم الحياتية، ما أدى إلى ازدياد الضغوطات النفسية، الناتجة عن السعي المفرط نحو الكمال والمثالية. إذاً، سنجيب في هذا المقال عن السؤال التالي: لماذا تزداد الضغوطات النفسية في عصرنا؟
كيف أدّى أسلوب الحياة المتبع إلى زيادة الإضطرابات النفسية!!
في عصر تسوده التفاهة والبحث المفرط والواهي عن الإنجازات، بات الأشخاص عبيداً للصورة المثالية التي تغرق الفرد في حالة من التشتت النفسي وتبعده عن ماهيته الحقيقية والجوهرية!! لم يعد الأفراد ممتنون لما يملكون، بل أصبحوا أشبه بإطارت فارغة تسعى للعيش بطريقة معلبة ضمن أطر لاعقلانية وغير مجدية من أجل تحقيق الرضا عن الذات. وهذا ما يعرف تحت مسمّى ” الإنكار “، أو الهروب من الواقع وعدم القدرة على مواجهته.
1- الشعور بالنقص
واحدة من أبرز الأسباب لارتفاع الضغط النفسي، هي الديناميكيات المتغيرة للمجتمع الحديث. مع ظهور التكنولوجيا تبدلت آلية التواصل بشكل جذريّ،و أدى الإتصال المستمر عبر الهواتف الذكية ومواقع التواصل الإجتماعي، إلى خلق ثقافة الإشباع الفوري والمقارنة التي غالباً ما تؤدي إلى الشعور بالنقص والتوتر.
2- انعدام الأمن الوظيفي
تعدّ الضغوطات الإقتصادية وانعدام الأمن الوظيفي من المصادر الأساسية والبارزة للتوتر لدى العديد من الأفراد. إن سوق العمل التنافسي وارتفاع التكاليف المعيشية، خلقا مخاوف مالية. كذلك، قد يشعر الناس بالقلق دائماً بشأن استقرارهم الوظيفي، مما يؤدي إلى التوتر المزمن. يمكن أن يكون الضغط للوفاء بالإلتزامات المالية والحفاظ على مستوى معيشي معين، سبباً واضحاً للإصابة بحالة من التوتر والضغط النفسي.
3- البحث المفرط عن الكمال
ارتفعت توقعات المجتمع وخاصة فيما يتعلق بالإنجازات، والكمال الخارجي، والنجاح المهني. إن السعي وراء الكمال، مدفوعاً بالتوقعات الإجتماعية، يضع الأفراد تحت ضغوطات تجعلهم يشعرون بالتوتر وانعدام الثقة بالنفس. وذلك، بسبب سعيهم المستمر إلى تلبية معايير غير واقعية.
4- الإفراط في استخدام التكنولوجيا
في حين أن التكنولوجيا قد حسنت حياتنا بلا شك بطرق عديدة، إلا أنها ساهمت أيضاً في زيادة نسبة التوتر. إن الإشعارات التي تصل باستمرار مع رسائل البريد الإلكتروني، تعزز التوتر وتقلل الإسترخاء. ضمن الإطار نفسه، ساهمت التكنولوجيا في تعطيل الحدود بين الحياة الشخصية والحياة المهنية. مما أصبح من الصعب على الأفراد إيجاد أوقات مناسبة لتطوير مهاراتهم وممارسة الأنشطة الترفيهية. فقد أدى هذا الأمر إلى تعطيل الإيقاع الطبيعي للحياة.
5- العزلة الإجتماعية والشعور بالوحدة
من المفارقات أنه في عصر وسائل التواصل الإجتماعي، يعاني الأفراد من العزلة الإجتماعية والشعور الدائم بالوحدة. غالباً ما تفتقر الإتصالات الرقمية إلى العمق والحميمية العاطفية، مما يؤدي إلى الشعور بالفراغ والعزلة. كذلك، يساهم الإفتقار إلى الدعم الإجتماعي الحقيقي إلى زيادة الضغط النفسي.
6- الإضطرابات السياسية والتغيرات المناخية
يضيف السيناريو العالمي الحالي، الذي يتسم بالإضطرابات السياسية والتغيرات المناخية طبقة أخرى من التوتر. إن المخاوف بشأن مستقبل الكوكب وانعدام الإستقرار السياسي وتحديداً في المنطقة العربية، خلق شعوراً من العجز والقلق. إذاً، إن التمتابعة المستمرة للأخبار والأحداث الكارثية عبر القنوات الإعلامية، يثير مشاعر الخوف وفاقم الضغوطات النفسية بشكل كبير.
7- الضغوطات المالية والديون
أدّى ارتفاع تكاليف المعيشة إلى جانب المستويات العالية من النزعة الإستهلاكية، إلى دفع الأفراد إلى الإستقراض والدين. ضمن الإطار المذكور، ساهمت الضغوطات المالية وعبء الديون إلى خلق ضغوط مستمرة بشأن الوفاء بالإلتزامات المالية. مما أدى إلى زيادة حدة الإضطرابات النفسية.
أخيراً، وبعد الحديث الإجابة عن سؤال: لماذا تزداد الضغوطات النفسية في عصرنا؟ يمكن القول، في حين أن العوامل التي تساهم في زيادة الضغط النفسي متعددة الأوجه ومعقدة. لكن، إن تطوير استراتيجيات التكيف مع تعزيز الإمتنان والشعور بالرضا، من شأنها مكافحة التوترات والضغوطات النفسية قدر الإمكان.