لياقة بدنية

كيف يؤثر الخريف جسدياً ونفسياً علينا؟

[24/9/2022] اقترن فصل الخريف في مخيلتنا بالعودة إلى مقاعد الدراسة، وتساقط أوراق الشجر، وانتهاء اللعب والحماس، لنعود إلى النظام الذي كنّا نمتعض منه سابقاً. جوّ من الحميمية يبحر بنا في المخيلة، مع درجات حرارة متدنية، مقارنة بفصل الصيف، يضفي حالة من الحنين واستعادة الذكريات الجميلة. هذا اللون الأصفر الذي يمتزج مع التراب، خالقاً لوحة إنسانية أقرب إلى السرمدية. إذاً، مع اختلاف الطقس وتباين الفصول، تتأرجح حالتنا المزاجية وتتغير. لذلك، سنتناول في هذا المقال، كيف يؤثر فصل الخريف جسدياً ونفسياً.

الخريف: عندما يولد الإنسان مرة أخرى

إنتهت السهرات العائلية، والعطل الصيفية، والأجواء الصاخبة إلى وقت متأخر… وبدأنا نلتمس تغيرات في درجات الحرارة، ونرى الغيوم المتلبدة في السماء. نعم، إنها بداية تغيير واضح لروتين الحياة. ينذر الخريف غالباً، بولادة جديدة وشعور مختلف، عن تلك التي نشعر بها خلال فصل الصيف. حالة من الهدوء والصفاء تقتحم أخلاجنا، وتعيد إنتاج أفكارنا من جديد. في المقابل، تتداخل الذكريات الماضية، واللاوعي الخاصّ بالفرد، بالإضافة إلى أطباعه وطرق فهمه للحياة بشعوره تجاه الفصول. لكن، ومع اقتراب فصل الخريف سنحاول تفسير التغييرات التي تحدث في جسمنا على المستويات النفسية والجسدية.

1- تغيرات في مستوى حرق الدهون

يحتوي جسم الإنسان على نوعين من الدهون: الدهون البيضاء والدهون البنية. تعدّ الدهون البيضاء الأكثر ضرراً. أمّا الدهون البنية هي الأساسية في جسم الإنسان لإمداده بالطاقة، وحرق السعرات الحرارية. كذلك، تحتوي الدهون البنية على ” الميتوكوندريا “، وهي الهياكل الخلوية التي تساعد على تكسير الكربوهيدرات والأحماض الدهنية لتوليد الطاقة. ضمن الإطار نفسه، يساعد الخريف بدرجات حرارته المتدنية، على تعزيز حرق الدهون البيضاء بشكل أكبر.

2- زيادة في الحساسية الموسمية

على رغم الحساسية التي قد يتعرض لها الإنسان في فصل الصيف. يمكن أن يساهم فصل الخريف بارتفاع نسبة الحساسية. على سبيل المثال، تزداد الحساسية من أوراق الشجر عند تساقطها. كذلك، ترتفع مستويات الإصابة بالأكزيما والفطريات نتيجة درجات الحرارة الباردة. من ناحية أخرى، يعتبر الخريف الفاصل بين الصيف والشتاء، وهذا ما يسبب بدوره مشاكل الزكام والجيوب الأنفية.

3- جفاف الجلد

من التغيرات الجسدية التي قد نلمسها خلال فصل الخريف هي جفاف البشرة وفقدانها نضارتها. إنه، ووفقاً لأطباء متخصصين، فإن الجلد يتعرض إلى الجفاف في الفترة التي ينقلب فيها الطقس من حار إلى بارد، والعكس، أي في فصلي الخريف والربيع. قد تحتاج في هذه الفترة إلى عناية أكبر بالبشرة، بالإضافة إلى المواظبة على استخدام مرطب الشفاه. بعبارة أخرى، كلّ تحوّل موسمي وتغير في الطقس يمكن أن يعطل التوازن الكيميائي للبشرة مع زيادة نسبة الجفاف وحب الشباب.

4- تذبذب جهاز المناعة

تتأثر مناعة جسم الإنسان بتغير الفصول وتبدلها. إذ، يعمل هذا النظام العملاق من الخلايا والأعضاء على إبقاء الجسم متحفزاً بشكل مستمر ضدّ الميكروبات والجراثيم، التي تنمو في الأجواء الرطبة وخفيفة الحرارة. وبهذا، قد يؤثر الخريف بشكل كبير على طريقة عمل جهاز المناعة.

5- الإضطرابات العاطفية الموسمية

لسوء الحظ، يمكن أن يكون لتغير الفصول تداعيات أكبر من جفاف الجلد وزيادة الحساسية. على سبيل المثال، يمكن أن تشكل بداية فصل الخريف اضطرابات عاطفية لدى البعض، تساهم في زيادة إحتمالية الإصابة بالإكتئاب. يوحي فصل الخريف إلى الكثيرين بأن كلّ شيء قد انتهى، بالإضافة إلى أنه يوحي بالفقدان والوداع. ولهذا يشكل حالة نفسية سيئة. ضمن الإطار نفسه، تشير بعض الدراسات بأنه ومع اقتراب فصل الشتاء، يزداد إفراز هرمون ” الميلاتونين “، لفترات أطول. مما يفقد الإنسان النشاط والحماسية الموجودة التي تكون موجودة في فصل الصيف.

رغم ذلك… لماذا نعشق الخريف، أحياناً؟

على الرغم من التأثيرات السلبية التي يمكن أن يسببها فصل الخريف على صحتنا الجسدية والنفسية أحياناً. قد نجد أشخاصاً كثيرين ينتظرون بفارغ الصبر قدوم فصل الخريف، وكذلك فصل الشتاء. وهذا ما قد يعود إلى ربط فصل الخريف بالإستقرار والقدرة على تنظيم الوقت واتباع روتين أدقّ وأكثر إنتاجية.

على سبيل المثال، يميل الناس خلال فصل الصيف إلى السفر باستمرار، لقضاء عطلات مليئة بالأجواء الممتعة والنشاطات الترفيهية. ما قد يؤدي إلى كسر الروتين، وعدم القدرة على تنظيم الوقت، وحتى الإنعزال بهدف تحقيق السلام الداخلي ومواجهة العقبات.

من ناحية أخرى، إن تبديل الملابس الصيفية بملابس خريفية مريحة، تخفف من الضغط على المظهر الخارجي. بعبارة أخرى، تستطيع المرأة أو حتى الرجل، أن يكونا أكثر راحة مع جسديها في فصل الخريف. كذلك، لا يمكننا التغاضي عن التأثير السلبي لفصل الصيف على الإنتاجية والتفكير. إذ تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يعيشون في مناطق باردة نوعاً ما، يتمتعون بإنتاجية أكبر من أولئك الذين يعيشون في مناطق حارّة بنسبة تصل إلى 30%.

وأخيراً، وبعد الحديث عن كيف يؤثر الخريف جسدياً ونفسياً. يمكن القول إن حالة الإنسان المزاجية ومناعته الجسدية تتأثر بعوامل كثيرة ومن ضمنها فصول السنة. بالطبع، تعتبر تركيبة الإنسان معقّدة ويمكن أن تساهم الأحداث الماضية والعلاقات العاطفية في بلورة علاقتنا بالوقت والأشياء.

ندى جوني

كاتبة محتوى إلكتروني، أعمل في مجال الأبحاث. حاصلة على شهادة البكالوريوس، وأحضر حالياً لنيّل شهادة الماجستير. مهتمة بالقراءة والكتابة والتأليف.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى